الرجال أيضاً ضحايا.. "جوني ديب" يطرح الفريضة الغائبة في قضايا العنف الأسري
الرجال أيضاً ضحايا.. "جوني ديب" يطرح الفريضة الغائبة في قضايا العنف الأسري
أخصائية نفسية لـ«جسور بوست»: أتوقع أن يكون نجم هوليود مصاباً باضطرابات الشخصية المازوخية
مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تعقيد العلاقة بين الرجل والمرأة وإفسادها في بعض الأحيان
الرجال أيضا ضحايا للعنف الأسري! هكذا أظهرت قضية نجمي هوليود جوني ديب وآمبر هيرد، لتطرح تساؤلات بشأن التمييز السلبي ضد الرجال حيال التشكيك في مصداقية تعرضهم للعنف البدني.
وعادة ما تحتكر النساء التعاطف العربي والدولي، بسبب تعرضهن للعنف والإيذاء الجسدي، لا سيما في المجتمعات الشرقية التي تسود فيها ثقافات الوصاية والقيم الذكورية.
وفتحت قضية جوني ديب وآمبر هيرد، الباب على مصراعيه في إمكانية تعرض الرجال للعنف الأسري والاعتداء البدني، وفرص حصولهم على الدعم والتضامن والتعاطف.
بداية القصة
بادعاء مضاد من الزوجة آمبر هيرد، بدأت قضية نجمي هوليود في الظهور للرأي العام، عندما نشرت هيرد في مقال تعرضها للعنف الزوجي على يد طليقها جوني ديب، ما أثار تعاطفا واسعا معها على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بلغ حد إلغاء شركة إنتاج لعقد العمل مع الممثل الأمريكي الشهير.
لجأ ديب للمحكمة لطلب رد الاعتبار عن التشهير الذي واجهه، ما استدعى سرد تفاصيل بشأن تعرضه للعنف البدني على يد طليقته آمبر هيرد، لكنه واجه حينها وابلا من التشكيك والهجوم الممنهج، حتى قدم أدلة وتسجيلات تثبت صحة ادعائه.
وكشف الممثل الهوليودي خلال جلسات المحاكمة الكثير من الأسرار والمفاجآت خلال علاقة زواجه التي استمرت بين عامي 2015 و2017، أبرزها تعرضه للعنف الجسدي واللفظي على يد طليقته آمبر هيرد، وهو ما أكدته خبيرة نفسية استعانت بها المحكمة بأن الأخيرة تعاني من اضطرابات نفسية.
وعربيا انتشر هاشتاغ (وسم) باسم "نصدق الناجيات" عبر منصات التواصل الاجتماعي منذ عام 2018، بهدف تشجيع النساء على الإفصاح عن وقائع التحرش والعنف الأسري التي يتعرضن لها.
فيما سبق ذلك بعام انتشار هاشتاغ "ME TOO" (وأنا أيضا) عالميا، والذي أطلقته الممثلة الأمريكية "أليسا ميلانو" عبر موقع تويتر، لتسليط الضوء على قضية التحرش الجنسي.
وعادة ما تلقى النساء دعمًا وتعاطفًا غير مشروطين إزاء قضايا التحرش والعنف الأسري، إذ واجه جوني ديب بمجرد نشر مقال هيرد في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اتهامات وإدانات واسعة طالب فيما بعد بتعويضه عنها بـ50 مليون دولار.
وعقب إثبات "ديب" تعرضه للعنف الجسدي على يد طليقته، واجه الممثل الأمريكي قليلا من التشكيك مقابل كثير من الدعم العالمي، حيث تحولت الدفة لصالحه ليصبح ضحية بعد أن كان متهما.
طغيان نسوي
وقالت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خيرالله، عبر حسابها على فيسبوك: "جرت العادة في حالات الخلاف وتبادل الاتهامات بالعنف بين الأزواج، أن تنحاز الغالبية لمناصر المرأة، استنادًا إلى تاريخ الرجل مع العنف، والذي يؤهله دائمًا لأن يكون الجاني".
وأضافت: "لكن في قضية جوني ديب حدث العكس، فقد تعرض الرجل للإهانة والإيذاء النفسي والبدني من امرأة استغلت شبابها وجمالها لاستدراجه إلى علاقة سامة كادت تكلفه مستقبله المهني وتقضي على سمعته".
وأوضحت خيرالله: "انتهت المحاكمة بانتصار ديب، وهو أمر أثلج الصدور، ومن المرات القليلة التي يسعد فيها الناس لانتصار الرجل، على جوني الآن أن يغرق نفسه في العمل لاستعادة مكانته الفنية، بعد تعثر أعماله الأخيرة، واستبعاده من سلسلة قراصنة الكاريبي".
وانتقدت خيرالله شركة الإنتاج التي استبعدت ديب من سلسلة "قراصنة الكاريبي" إثر الاتهامات التي واجهها، قائلة "لا أفهم لماذا تدخلت شركة الإنتاج في أمر لا يعنيها، هذا خلاف بين زوجين، وكان على الشركة انتظار كلمة المحكمة".
وتابعت: "طغيان تأثير منظمات حقوق المرأة، التي تناصر جنسا ما، ظالما أو مظلوما، سوف يفسد العلاقات الإنسانية، وأعتقد أنه في حالات الخلاف الزوجي يجب أن يحتكم الجميع للقانون دون النظر لأي اعتبارات أخرى".
ومضت الناقدة المصرية متسائلة: "ماذا لو لم يكن جوني ديب يملك تسجيلات تثبت براءته؟ فهل مطلوب من كل زوج وزوجة أن يجمع تسجيلات وأدلة ضد شريكه تحسبًا لأي خلاف مستقبلي؟".
ألعاب نفسية سامة
من جانبها قالت هاجر القاضي، أخصائية نفسية ومرشد علاقات زوجية، لـ«جسور بوست»: "من خلال متابعتي للقضية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، أتوقع أن يكون جوني ديب مصابًا باضطراب الشخصية المازوخية".
ودللت القاضي على توقعها قائلة: "تعرض الممثل الأمريكي للإيذاء والإهانة والاعتداء على يد طليقته خلال زواجهما الذي استمر عدة سنوات وصمت ولم يعلن عن ذلك، لكن يظل حسم الأمر يتطلب إخضاعه لتشخيص نفسي دقيق".
وأضافت: "قبول الرجل أو المرأة للإهانة والاعتداء الأسري يشير إلى عوار في التنشئة الاجتماعية، إذ يعكس تعرض الشخص للإهمال أو الإهانة أو التحقير في طفولته، ما يدفعه لتحمل القسوة والإهانة فيما بعد".
والمازوخية هي أحد أشهر الانحرافات السلوكية النفسية، ويقصد بها قبول وأحيانا التمتع بالألم أو الإهانة عند استقباله من الطرف الآخر في العلاقة.
وأكدت القاضي أن "تصديق النساء أكثر من الرجال في حالات العنف الأسري، يرجع إلى أن التاريخ يسجل وقائع اعتداء يومية من الذكور ضد الإناث، حيث بات هذا الأمر من المتعارف عليه، كما أن نسبة تعرض المرأة للعنف الأسري أكبر بمراحل من نظيرتها في الرجال".
وأشارت إلى أن السيدات أيضًا يمارسن العنف ضد أزواجهن، لكن بأشكال أخرى غير الاعتداء البدني والسباب، مؤكدة أن المرأة عندما تريد تعنيف زوجها عادة ما تلجأ لممارسة الألعاب النفسية والضغوط التي يكون تأثيرها مماثلا وربما أكبر من العنف اللفظي أو الجسدي.
وتابعت القاضي قائلة: "أشهر الألعاب النفسية التي تمارسها النساء ضد أزواجهن، أن تقارنه برجال آخرين وتتهمه بالتقصير أو تهدده بالرحيل عنه، وكثيرًا ما يقع الرجال فريسة لهذا النوع من العنف النفسي.
وأضافت: "تعنيف الرجال غالبا ما يقودهم إلى ارتكاب جرائم ومخالفات قانونية لإرضاء النساء، كأن يسرق أو يختلس ليحضر لها ما تريده من أموال، حتى تكف عن انتقاده ومقارنته بغيره".
وقالت القاضي إن منظومة العلاقة بين الرجال والنساء بها قصور بشكل عام، كما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعقيد تلك العلاقة وإفسادها في بعض الأحيان وخلق حالة احتقان شديدة بين الطرفين.
وأوضحت أن "العلاقات السامة لها صور كثيرة، ولا ننصح أحدا بالاستمرار في علاقة لا تحمي حدوده النفسية، فنضوج العلاقة يعني أن كل طرف يعطي الآخر ما يريده، ويحفظ حدوده النفسية جيدًا دون ابتزاز أو ضغوط أو إهانات".